Your cart is currently empty!
Category: تكنولوجيا
طباعة العظام: بين العلم والخيال
جميعنا شاهدنا شون مورفي بمسلسل “The good doctor” عندما وصل إليه مريض أصيب في حادث وسحقت عظمة الفخذ لديه وكان لا يوجد حل سوى بتر ساقه، ولكنهم عالجوا هذه المشكلة بطريقة مبتكرة عن طريق استبدال عظمة الفخذ بعظمة اصطناعية مصنوعة من التيتانيوم بواسطة طابعة ليزر ثلاثية الأبعاد، وتنتهي العملية بنجاح ليستطيع المريض السير مرة أخرى وقضاء بقية حياته بشكل طبيعي، ولكن هل يتطابق الواقع مع ما تعرضه Hollywood لنا؟
كل عام يوجد ما يقدر بـ200,000 شخص في حاجة لاستبدال عظام الوجه والرأس نتيجة لحوادث، عيوب خلقية أوعمليات، تقتدي الطريقة التقليدية بإزالة جزء من عظمة الشظية لدى المريض (لأنها لا تحمل الكثير من الوزن)، ثم تقطيعها بالشكل المناسب للزراعة في المكان الصحيح، يقول Warren Grayson بروفيسير الهندسة الطبية الحيوية بجامعة Johns Hopkins “هذا الإجراء لا يخلق فقط رضح في الساق (Leg trauma)، بل أيضًا من الصعب تشكيل عظمة الشظية المستقيمة لتناسب انحناءات الوجه”.
محاولة للتغلب على هذه المشكلة، توجه العلماء للطباعة ثلاثية الأبعاد، وفيها يتم تصميم جسم ثلاثي الأبعاد على الكمبيوتر ومن ثم إيجاده في الواقع من خلال إضافة طبقات رقيقة جدًا من المواد- القابلة للتحلل- فوق بعضها البعض بدقة فائقة لتعمل كدعامة للخلايا أثناء انقسامها وتجددها، “ولكن الخلايا الموضوعة على هذا الجسم تحتاج بعض التوجيهات لتتحول إلى خلية عظمية” يضيف Grayson.
لذلك في تجربتهم، يحاول Grayson وفريقه صنع مادة تجمع بين القوة والنفاذية والخصائص البيولوجية الموجودة بالعظام؛ فبدأوا باستخدام polycaprolactone (PCL) وهو بولستير قابل للتحلل تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) للاستخدامات الإكلينيكية، الـPCL مادة قوية ولكن يعرف الفريق من خلال دراسات أخرى أنه لا يدعم تشكيل العظام الجديدة؛ لذلك قاموا بمزجه مع مسحوق العظام، المصنوع عن طريق طحن عظام الركبة في الأبقار بعد تعرية هذه العظام من الخلايا والأنسجة المحيطة.
يقول Grayson “مسحوق العظام يحتوي على البروتينات الأساسية و عوامل نمو العظام (pro-bone growth factors) التي تساعد على تمايز الخلايا الجذعية الغير ناضجة إلى خلايا العظام، وأيضًا يضيف الخشونة إلى الـPCL فيساعد على تمسك الخلايا به”.
أول اختبار تم إجراؤه كان إمكانية الطباعة، فالدعامة المحتوية على 5%، 30% و70% من مسحوق العظام أدت أداء جيدًا، على عكس المحتوية على 85% فقد كانت تفتقر إلى الـPCL للحفاظ على بنية وشكل العظام لذلك تم استبعادها، ولمعرفة إذا كانت هذه الدعائم ستحث تكوين العظام أم لا، قام الباحثون بإضافة خلايا جذعية تم استخلاصها أثناء عملية شفط للدهون.
بعد ثلاثة أسابيع، الخلايا التي نمت على دعامة الـ70% أظهرت نشاط جيني بجينات تكوين العظام، وكان هذا النشاط ضعف مئات المرات النشاط التي أظهرته الخلايا النامية على دعامة الـPCL النقية، في حين أظهرت خلايا دعامة الـ30% نشاطًا كبيرًا ولكن ليس بقدر دعامة الـ70%، بعد ذلك أضاف العلماء beta-glycerophosphate إلى الخلايا لتمكين إنزماتهم من ترسيب الكالسيوم -العنصر الأساسي في العظام-، وجدوا أن خلايا دعامة الـ30% أنتجت كالسيوم أكثر بنسبة 30% مقارنة بخلايا دعامة الـPCL النقية، أما خلايا دعامة الـ70% أنتجت ضعف كمية دعامة الـPCL النقية.
أخيرًا، قام العلماء باختبار الدعامتين على فئران لديها ثقوب كبيرة في الجمجة من الصعب أن تُشفى، وبعد 12 أسبوعًا، لوحظ نمو للعظام والتئام للثقوب في الفئران التي حصلت على دعامة محملة بخلايا جذعية، أظهر فحص الأشعة المقطعية أن كلتا الدعامتين أظهرتا نمو أفضل للعظام بمقدار 50% مقارنة مع دعامة الـPCl النقية.
“في التجارب المعملية أظهرت دعامة الـ70% تفوقًا ملحوظًا عن دعامة الـ30%، ولكن دعامة الـ30% أقوى، وبما أنه لايوجد فرق بينهما في شفاء عظام الفأر فإننا سنقوم بمزيد من التجارب لاكتشاف أي دعامة هي الأفضل” يقول Grayson.
يخطط Grayson وفريقه في المستقبل اختبار المواد المضافة التي تشجع الأوعية الدموية الجديدة على التسلل إلى الدعامات، والتي ستكون ضرورية لزراعة العظام الأكثر سمكا للتبقى على قيد الحياة، ويأملون أيضًا إجراء المزيد من التجارب لاكتشاف التصميم الأفضل للبنية التركيبية للدعائم لتكون طبيعية أكثر.
ولكن بعد سنة من نشر Grayson نتائج أبحاثه، قام Hossein Montazerian الباحث المساعد بكلية الهندسة بجامعة British Columbia بنشر ورقة بحثية في مجلة Materials & Design يستعرض فيها تصميمه للدعامة والذي يوفر للخلايا دعامة قوية، واسعة وآمنة كفاية لتنمو بكفائة.
لم يقم Hossein بتجربة تصميمات عشوائية بل قام بتحليل أكثر من 240 قطعة من العظام، حيث قام بالتركيز على العظام القوية وذات النفاذية، ثم صنع التصاميم الأكثر تناسبًا مع الطباعة ثلاثية الأبعاد.
يقول Hossein “عند تصميم العظام الاصطناعية فإننا نوازن بين ما هو مسامي بما فيه الكفاية للخلط مع العظام الطبيعية والنسيج الضام، ولكن في نفس الوقت قوي بما فيه الكفاية ليعيش المرضى حياة طبيعية، ونحن قمنا باختيار التصميم الذي يحقق هذا التوازن ويكون سهل الطباعة في نفس الوقت، وهذا التصميم أقوى 10 مرات من التصاميم الأخرى وبما أن لديه خصائص كثيرة مشتركة مع العظام الطبيعية، فهو أقل عرضة للتسبب بمشاكل على المدى الطويل”.
ويعتزم الفريق مواصلة أبحاثه من خلال إظهار كيف يمكن لتصميم مسامي أكثر تعقيدًا أن يعطي لنا استجابة بيولوجية أفضل.
ومن هنا نستنتج أن زراعة العظام المطبوعة ممكن، ولكن ماذا عن العمليات الناجحة؟
في 2014، قام الأطباء بمدينة Xi’an الصينية باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد لطباعة مجسمات من التيتانيوم وزراعتها في ثلاث حالات مختلفة تم تشخيصها بأورام خبيثة في العظام والذي كان يهدد حياتهم، ولأن العظام لم يتم كسرها قبل العملية قاموا بمسحها وطباعة بديل من النيتانيوم (يستخدم بسبب خفة وزنه وزيادة قوة تحمله)، يقول Guo Zheng الطبيب بمستشفى Xijing “الطباعة ثلاثية الأبعاد تخفض التكلفة إلى النصف مقارنة بطرق الزراعة التقليدية”.
وفي حالة أخرى، قام جراحين بـ Shanghaiباستخدام نموذج ثلاثي الأبعاد لكسر في عظمة الحوض لإجراء علية جراحة تدريبة قبل القيام بالعملية الأصلية، مما جعلهم ينهون هذه العملية المعقدة بنجاح في أربع ساعات.
وفي سبتمبر 2017 بأستراليا، نجح جراحون في زراعة عظمة القصبة لرجل يعاني من التهاب العظم ونخاعه (osteomyelitis)، حيث قاموا بصناعة نموذج للقصبة بجامعة Queensland للتكنولوجيا ثم طباعة النموذج بـSingapore، والذي كان مصمم ليحث العظام على النمو ثم يتحلل تدريجيًا، ثم قاموا بتغطيته بالأوعية الدموية والأنسجة التي تم استخراجها من ساقه، ثم قاموا بإزالة الصديد من ساقه وزراعة الدعامة بنجاح، ومع أنه سيحتاج لـ18 شهرًا على الأقل ليتعافى يؤمن الأطباء بأنه سيستطيع السير مرة أخرى.
تفتح هذه العملية أفق جديد لزراعة العظام الكبيرة وتعتبر دليلًا على أهمية مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد وتطبيقاته التي لا حصر لها، كطباعة الأطراف الصناعية للأطفال أو كنجاح الأطباء في استبدال أجزاء من العمود الفقري لامرأة بعظام مطبوعة من التيتانيوم وأخرى حصلت على جمجمة مطبوعة، بل هناك أطباء يبحثون في كيفية طباعة أوعية دموية، لذا فمن الأفضل أن يتعلم الأطباء والباحثون أكثر عن تسخير التكنولوجيا للتطبيقات المستقبلية ليساعدوا من هم في حاجة.
تدقيق: Bara’a Thweib
لماذا عارضت شركات التكنولوجيا قرارات ترامب؟
قرارات دونالد ترامب في الأسبوع الأول من فترة حكمه سببت صدمة لشركات التكنولوجيا العالمية وكثير من الشركات الناشئة، بعد توقيع ترامب على طلب تنفيذي ينص على منع المواطنين من البلدان ذات الأغلبية المسلمة وهي سوريا، العراق، إيران، السودان، الصومال، اليمن، وليبيا من دخول الولايات المتحدة لمدة 90 يومًا، مما دفع الكثير من رؤساء هذه الشركات إلى الوقوف ضد هذا القرار، ولكن لماذا؟
يقول الرئيس التنفيذي لشركة Google -ساندر بيشاي- أن أكثر من 100 موظف تأثر بهذا القرار؛ حيث كانوا مسافرين خارج البلاد وحاولوا الرجوع إلى الولايات المتحدة قبل أن يتم تطبيق القرار، وعقبت شركة Microsoft على هذا القرار ب “التغييرات في سياسات الهجرة التي تكبح تدفق المواهب الفنية والمهنية قد تحد من قدرتنا لعدم وجود موظفين كافين للبحث والتطوير، فإذا كنا أقل فعالية في التوظيف أو إذا لم نتمكن من الإبقاء على الموظفين الرئيسيين في الشركة؛ فإن قدرتنا على تطوير وتقديم منتجات وخدمات ناجحة قد تتأثر سلبًا”.وقد تحدث الرئيس التنفيذي ل Microsoft -ساتيا نادالا- والرئيس التنفيذي ل Adobe -شانتانو ناراين- عن أثر الهجرة والعولمة على صناعة التكنولوجيا في مقابلة مع CNN في سبتمبر، أي قبل انتخاب ترامب، وقال ناراين “الهجرة أعطتنا كل ما نحتاج إليه، وأي شيء نفعله يمنع الناس من القدوم ويمنع جذب الأفضل والألمع فهو يحد من قدراتنا”، وأضاف “العولمة لن تعود إلى الوراء، مرة أخرى، فقد استفادت أمريكا من العولمة، ولكن لابد أن نستفيد بأكبر قدر ممكن، وليس تدمير فرص العمل أو خلق عدم مساواة، لذلك أعتقد أن علينا أن نجد توازن جديدًا ليس فقط بين العولمة، التجارة والهجرة ولكن بحل عدم المساواة الذي قد ينتج من ذلك”.
وكانت استجابة مارك زوكربيرغ -الرئيس التنفيذي لشركة Facebook- على المستوى الشخصي، حيث كتب في منشور له على Facebook “كالكثير منكم أنا قلق من أثر هذا القرار والذي تم توقيعه بواسطة الرئيس دونالد ترامب ” وأضاف ” نحن أمة من المهاجرين، ونحن جميعًا سنستفيد عندما يستطيع الألمع والأفضل من جميع أنحاء العالم العيش والعمل والمساهمة هنا” مع الأخذ في الاعتبار أن جديه جاءوا من أوروبا الشرقية، ووالدي زوجته بريسيلا تشان، كانوا لاجئين من الصين وفيتنام.
ولكن ما يقلق شركات التكنولوجيا أكثر هو وجود أنباء عن أن ترامب سيقوم بتوقيع قرار تنفيذي آخر يمنع حاملي فيزا H-1B وL1 من دخول البلاد، وهي فيزا يتم منحها من قبل الشركات للعمال المهوبين والمميزين للعمل والإقامة داخل البلاد، وهذا سيكون له أثر مدوي على شركات مثل Google وMicrosoft، حيث يدخل 85,000 شخص سنويًا الولايات المتحدة باستخدام فيزا H-1B أغلبهم يعمل في مجال التكنولوجيا، وليس فقط أصحاب فيزا H-1B من يقلقون من هذه القرارات، ففي فترة حكم أوباما، صدر طلب تنفيذي عرف باسم DACA، والذي سمح بالعمل لنحو 700,000 من المهاجرين الغير المسجلين الذين سافروا كأطفال إلى الولايات المتحدة، وقد وعد ترامب بالقضاء السريع على هذا القرار، وهذا يعني طرد آلاف العمال بجرة قلم، وبوضع المشاعر جانبًا، هذا الفعل قد يقضي على مجتمع المهاجرين، والذي قد يتسبب في هجرة العقول من صناعات مثل الصناعات التكنولوجية والتي تعتمد بشدة على العمالة الأجنبية، وتشير تقديرات مركز التقدم الأمريكي اليساري أن إلغاء DACA وحده يمكن أن يكلف الاقتصاد الأمريكي 433.4 مليار دولار نتيجة لفقدان في الإنتاجية لأكثر من عشر سنوات.
والغريب في الأمر أن ترامب اجتمع مع الرائدين في مجال التكنولوجيا في ديسمبر وعرضوا المشكلات والتحديات التي تواجه فيزا H-1B وكيف يمكن التخلص منها لجلب العاملين الموهوبين بطريقة أكثر سهولة، وكان رد ترامب “لنصلح هذا”، مع هذا فقد قال أثناء مناقشة “هذا غير عادل لعُمّالنا، ويجب علينا أن نضع حد لهذا”.
__________
إعداد وتصميم: omar khaled
مصدر: https://goo.gl/vbt77C
https://goo.gl/DXLmOa