Tag: إراتوستينس

  • هل الأرض كروية؟ رحلة الـ25 قرنًا من البحث والإجابات الذكية

    هل الأرض كروية؟ رحلة الـ25 قرنًا من البحث والإجابات الذكية

    المرحلة الأولى: 600 – 500 قبل الميلاد

    بدأت فكرة كروية الأرض تظهر وتُردَّد عند الفلاسفة اليونان في ذلك الوقت، وأشهرهم “فيثاغورث”، وكانت الأسباب التي دفعتهم لطرح هذه الفرضية كثيرة، منها ما هو من الشواهد، ومنها ما هو من الفلسفة البحتة.

    كانت من أهم تلك الشواهد:

    1. اختفاء أجسام السفن قبل اختفاء صواريها عندما تتجه خلف الأفق.
    2. رؤية من بداخل السفينة البعيدة عن اليابسة للجبال والأبراج العالية قبل رؤيتهم الأرض نفسها. وذلك مستحيل الحدوث إلا إذا كانت الأرض منحنية.
    ظهور السفن من فوق المناطق المرتفعة قبل ظهورها في أسفلها، وهو ما لا يتحقق إلا إذا كانت الأرض دائرية
    ظهور السفن من فوق المناطق المرتفعة قبل ظهورها في أسفلها، وهو ما لا يتحقق إلا إذا كانت الأرض دائرية

    المرحلة الثانية: 384 – 322 قبل الميلاد

    زاد ” أرسطو ” على شواهد من قبله عدة شواهد، منها:

    1. أن النجوم التي تظهر في أفق السماء عندما يكون أرسطو في بلدته، تظهر أبعد عن الأفق وتقترب من وسط السماء في بلدة أخرى – حسب اتجاه تلك البلدة تنزاح النجوم -.
    2. ظِل الأرض على القمر في وقت خسوف القمر يظهر كقوس من دائرة!
    صورة لظل الأرض على القمر أثناء الخسوف. حقوق الصورة: Dylan Odonnell
    صورة لظل الأرض على القمر أثناء الخسوف. حقوق الصورة: Dylan Odonnell

    بعدما تأكد الفلاسفة من كروية الأرض، حاول بعضهم قياس محيطها، أو مقدار تكورها، أو نصف قطرها لكي يعرفوا حجمها؛ وبالفعل قد بدأت المحاولات الناجحة من المرحلة الثالثة.

    المرحلة الثالثة: 267 – 51 قبل الميلاد

    عديد من الفلاسفة اليونان حاول قياس محيط الأرض، أشهرهم وأدقهم في القياس كان “إراتوستينس”، حيث جاء بفكرة مذهلة لقياس محيط الأرض بدون أن يحتاج أن ينظر إليها من الخارج.

    كانت فكرته كالتالي:

    قياس زاوية ميل أشعة الشمس بواسطة إراتوستينس
    قياس زاوية ميل أشعة الشمس بواسطة إراتوستينس

    عاش “إراتوستينس” في الإسكندرية، ولاحظ أنه أثناء ترحاله بين الإسكندرية (الموجودة في شمال مصر) وأسوان (الموجودة في جنوب مصر) الاختلاف البسيط في طول ظل الشمس في وقت الظهر بين البلدين في نفس الوقت من السنة، فوضع فرضية تقول بأن هذا الظل الزائد لا يمكن أن يظهر إلا بسبب انحناء الأرض أمام نور الشمس -وعلم ذلك من خلال رسم العصايتين مرة على كرة ومرة على خط مستقيم فوجد أنه لا يمكن حدوث هذه الظاهرة إلا مع انحناء الأرض(تكورها) -، فوضع عصا لها طول معين في الاسكندرية في وقت معين من النهار وقاس ظلها، وفعل نفس الشيء في نفس الوقت في أسوان وقاس ظلها، ثم رسم العصايتان وطول ظلهما على محيط دائرة مقابلة للشمس، وأخذ في تعديل انحناء الدائرة بالزيادة والنقصان حتى توافقت الرسمة مع أطوال العصيان وظلالها، ليتوصل “إراتوستينس” إلى محيط الأرض بنسبة خطأ بسيطة عن الطول الحقيقي له، حيث كان المحيط الذي استنتجه بهذه الطريقة مساويا لـ 90% من المحيط الحقيقي الذي عرفناه فيما بعد!

    المرحلة الرابعة: 1000 – 1100 م

    حيث قام العالم (أبو ريحان البيروني) -الملقب ببطليموس العرب- بتطوير قياسات “إراتوستينس” وغيره من الفلاسفة اليونان بأفكار حديثة

    كانت تجربته كالتالي

    قام (البيروني) بالوقوف على قمة جبل، وقاس المسافة بين موقعه وبين الأفق، ثم استعمل هذه المسافة + معرفته بطول الجبل، ليرسم الشكل الهندسي التالي

    تجربة البيروني لقياس نصف قطر الأرض ومحيطها
    تجربة البيروني لقياس نصف قطر الأرض ومحيطها

    وبالاعتماد على مبادئ علم الجبر والهندسة -التي أوجدها “الخوارزمي” قبله والتي يعرفها أي طالب مرحلة إعدادية اليوم -، ليخرج بمقياس قريب جدا من المحيط الحقيقي للأرض، بخطأ يقارب الـ 20 كيلو مترًا فقط!!

    لك أن تتخيل أنه حتى المرحلة الرابعة من هذا الاكتشاف العظيم لم يخرج البشر عن سطح الأرض ولم يبتعدوا عنه لينظروا من خارجه، ورغم ذلك، خرجوا لنا بهذه النتائج المبهرة الدقيق!!! o.O

    ويجب عدم نسيان نظريات (كوبرنيكوس) و (جاليليو) في علم الفلك واللذان قد دعما النظرية القائلة بتكوير الأرض.

    المرحلة الخامسة: 1900 – 2000 م

    ودول مش تعبانين في حاجة 😀 حيث كان الإثبات الأقوى، وهو صورة من الفضاء، لتتوج مسيرة استمرت أكثر من 25 قرنا لدعم نظرية تكور الارض!

    خاتمة

    من بحث في كل العلوم البشرية، يجد أن طريقة إيجاد النظريات ليست بالصعوبة التي يتخيلها، يعتمد العلماء قبل العامة على مبادئ بسيطة في تجربة نظرياتهم، استعمل (البيروني) المعلومات المكتوبة في كتاب الرياضيات للصف الثالث الإعدادي اليوم، استعمل (إراتوستينس) رسمة دائرية وطولين قاسهما. الأمر ليس بهذه الصعوبة ما دام الباحث يتبع منهجًا صحيحًا في القياس وما دام يكمل من حيث انتهى الآخرون بعد أن يفهمهم جيدا.

    مصادر

    • Posidonus, I. G. Kidd, Posidonius: Fragments: Volume 2, Commentary, Part 2, Cambridge University Press, pp. 720-722.

    • I. Fischer, “Another Look at Eratosthenes’ and Posidonius’ Determinations of the Earth’s Circumference,” Quarterly Journal of the Royal Astronomical Society, Vol. 16, p.152.

    • Aristotle, “On the Heavens,” Book II, Chapter 14, The Works of Aristotle, Oxford University Press; pp. 297-298.

    • B. Savizi, “Applicable problems in the history of mathematics: practical examples for the classroom,” Teaching Mathematics Applications, Vol. 26, pp. 45-50.

    • http://bit.ly/2eQZvJ0