Tag: علم أعصاب

  • التنافر المعرفي: لماذا يرفض البعض ما نراه منطقيًا؟

    التنافر المعرفي: لماذا يرفض البعض ما نراه منطقيًا؟

    قد تكون لاحظت أثناء قيامك بأحد المناقشات تعنت الطرف الآخر في الاعتراف أنه على خطأ، وتبدأ المناقشة تدريجيًا أن تأخذ طابع عدواني حتى يصبح محاورك مهووسًا بإثبات أنك على خطأ، وإن لجأ إلى شخصنة الموضوع والاستعانة بحجج ضعيفة، فبدلًا من أن تكون المناقشة قائمة على الرغبة في المعرفة، تصبح سفسطة قائمة على مجموعة مركبة من المغالطات المنطقية والتحيزات الإدراكية.

    يمكن لذلك الاعتراض الغير مبرر أن ينتج عن عدة أسباب سواء أن الشخصية التي أمامك هي شخصية اعتراضية بطبعها نتيجة أسباب نفسية عدة، أو أن محاورك يماطل ليحفظ ماء وجهه، أو بسبب طريقة تحليله للمعلومات وما بها من تشوه، أو السبب الأهم والأكثر انتشارًا الذي سنتحدث عنه اليوم، وهو حالة نفسية تعرف باسم «التنافر المعرفي».

    التنافر المعرفي – Cognitive dissonance:

    هي حالة نفسية يمر بها الشخص عند تعرضه لآراءٍ مختلفة عن أراءه العقائدية، وثوابته، أو أفكار قد نشأ عليها، أو أفكار مرتبطة بهويته، أو مرتبطة بعاداته وتقاليده، أو حتى إذا كانت مجرد فكرة جديدة. الصراع الذي يحدث في مخه بين الفكر القديم والجديد خلال المناقشة يمكن أن يظهر خلال المناقشة على شكل حالات نكران الدلائل، والتبرير، أو تلبيس المعلومة القديمة زي جديد؛ لتكون متناغمة مع المعلومات الجديدة، وبالتالي وضع المخ في حالة توازن مجددًا، وتكون هذه من أسباب مقاومة الاقتناع حتى مع توافر الدلائل المقنعة أحيانًا.

    السبب المادي

    السبب المادي في ذلك يكون أن المناطق التي تتحكم في عقله أثناء النقاش وقتها هي:
    «interior cingulate cortex, hypothalamus»

    التأثير أثناء المناقشة

    وذلك يسبب في أن يأخذ النقاش مجال تحفيزي عاطفي للدفاع عن المعلومة القديمة، ومراكز الفكر والمنطق تكون شبه معطلة. الشخص بالأساس يكون قد اتخذ قرار أنه لن يقتنع، والحجج المُقدمَة من طرفه تكون فقط لتأييد فكرته الأولى، ليس لغرض الاقتناع أو المناقشة.

    التأثير بعد المناقشة

    كلما كانت الأفكار الجديدة متينة والدلائل عليها منطقية، كلما خزنها مخه حتى عند رفضها مبدئيًا، ويدخل الشخص بعد ذلك في دوامات فكرية، وحالات من الاكتئاب على حسب ثبات وقوة المعلومة القديمة بداخله، يحدث ذلك حتى يجد حلًا: إما بالنكران التام للمعلومة الجديدة، أو بإعادة صياغة المعلومة القديمة لتوافق المعلومة الجديدة أو العكس، أو بلفظ الفكرة القديمة كليًا.
    كلنا نمر ومرينا بهذه الحالة بصورة أو بأخرى وبدرجات متفاوتة، ولكن تختلف تجربة كل منا عن الآخر حسب: مرونة الفكر وتطور المناطق المسؤولة عن التحليل المنطقي، أو إذا كانت الجرعات الفكرية الجديدة مكثفة أم لا.

    يرجى أن تلاحظ ذلك إذا وجدت نفسك قد دخلت في هذه الحالة أثناء أحد المناقشات