Tag: علم اجتماع

  • التنافر المعرفي: لماذا يرفض البعض ما نراه منطقيًا؟

    التنافر المعرفي: لماذا يرفض البعض ما نراه منطقيًا؟

    قد تكون لاحظت أثناء قيامك بأحد المناقشات تعنت الطرف الآخر في الاعتراف أنه على خطأ، وتبدأ المناقشة تدريجيًا أن تأخذ طابع عدواني حتى يصبح محاورك مهووسًا بإثبات أنك على خطأ، وإن لجأ إلى شخصنة الموضوع والاستعانة بحجج ضعيفة، فبدلًا من أن تكون المناقشة قائمة على الرغبة في المعرفة، تصبح سفسطة قائمة على مجموعة مركبة من المغالطات المنطقية والتحيزات الإدراكية.

    يمكن لذلك الاعتراض الغير مبرر أن ينتج عن عدة أسباب سواء أن الشخصية التي أمامك هي شخصية اعتراضية بطبعها نتيجة أسباب نفسية عدة، أو أن محاورك يماطل ليحفظ ماء وجهه، أو بسبب طريقة تحليله للمعلومات وما بها من تشوه، أو السبب الأهم والأكثر انتشارًا الذي سنتحدث عنه اليوم، وهو حالة نفسية تعرف باسم «التنافر المعرفي».

    التنافر المعرفي – Cognitive dissonance:

    هي حالة نفسية يمر بها الشخص عند تعرضه لآراءٍ مختلفة عن أراءه العقائدية، وثوابته، أو أفكار قد نشأ عليها، أو أفكار مرتبطة بهويته، أو مرتبطة بعاداته وتقاليده، أو حتى إذا كانت مجرد فكرة جديدة. الصراع الذي يحدث في مخه بين الفكر القديم والجديد خلال المناقشة يمكن أن يظهر خلال المناقشة على شكل حالات نكران الدلائل، والتبرير، أو تلبيس المعلومة القديمة زي جديد؛ لتكون متناغمة مع المعلومات الجديدة، وبالتالي وضع المخ في حالة توازن مجددًا، وتكون هذه من أسباب مقاومة الاقتناع حتى مع توافر الدلائل المقنعة أحيانًا.

    السبب المادي

    السبب المادي في ذلك يكون أن المناطق التي تتحكم في عقله أثناء النقاش وقتها هي:
    «interior cingulate cortex, hypothalamus»

    التأثير أثناء المناقشة

    وذلك يسبب في أن يأخذ النقاش مجال تحفيزي عاطفي للدفاع عن المعلومة القديمة، ومراكز الفكر والمنطق تكون شبه معطلة. الشخص بالأساس يكون قد اتخذ قرار أنه لن يقتنع، والحجج المُقدمَة من طرفه تكون فقط لتأييد فكرته الأولى، ليس لغرض الاقتناع أو المناقشة.

    التأثير بعد المناقشة

    كلما كانت الأفكار الجديدة متينة والدلائل عليها منطقية، كلما خزنها مخه حتى عند رفضها مبدئيًا، ويدخل الشخص بعد ذلك في دوامات فكرية، وحالات من الاكتئاب على حسب ثبات وقوة المعلومة القديمة بداخله، يحدث ذلك حتى يجد حلًا: إما بالنكران التام للمعلومة الجديدة، أو بإعادة صياغة المعلومة القديمة لتوافق المعلومة الجديدة أو العكس، أو بلفظ الفكرة القديمة كليًا.
    كلنا نمر ومرينا بهذه الحالة بصورة أو بأخرى وبدرجات متفاوتة، ولكن تختلف تجربة كل منا عن الآخر حسب: مرونة الفكر وتطور المناطق المسؤولة عن التحليل المنطقي، أو إذا كانت الجرعات الفكرية الجديدة مكثفة أم لا.

    يرجى أن تلاحظ ذلك إذا وجدت نفسك قد دخلت في هذه الحالة أثناء أحد المناقشات

  • الشخصيات السلبية العدوانية

    الشخصيات السلبية العدوانية

    كيف تميزهم، وكيف تتعامل معهم:

    يتواجد هذا النوع من الشخصيات في حياتك بكثرة، لديهم القدرة على الظهور في شكل الشخصية الودودة اللطيفة، ‏في نفس الوقت الذي يمارسون فيه هوايتهم بتعكير مزاجك، لا يظهرون غضبهم أو استياءهم بشكل مباشر، ولكن ‏عوضًا عن ذلك يعتمدون على آليات نفسية أكثر مكرًا لوضع من أمامهم في مزاجٍ سيء أو تركه بشعور سيء ‏حيال نفسه، لن تستطيع امساك عليهم شيئًا تلومهم عليه، وإذا فعلت سيتم اتهامك بسوء الفهم، أو عدم تقبلك ‏للمزاح!

    كيف تقوم بتمييز الشخصيات السلبية العدوانية؟

    بعض العبارات التي يمكنك عن طريقها تمييز هذا النوع من الشخصيات:

    ‏1 “أوكي! أنا مش مضايق!” ، “ماشي تمام، مش مضايقة”

    هذه الشخصية تميل للإنكار مشاعرها السلبية بالرغم من كونها في أوج عصبيتها وانفعاله… لازال يضمر لك ‏بداخله الإحساس بالضيق وسيفرغه بك بطريقة أخرى غير مباشرة في أقرب فرصة.

    ‏2 ” أضايقك ما قلت؟! لقد كنت أمزح معك! ” ، “أيه ده أنت زعلت؟! ده أنا كنت بهزر معاك”

    السخرية (المزاح الثقيل) جزء لا يتجزأ من الشخصية السلبية العدوانية. يميل دايمًا أصحاب هذه الشخصية ‏بجرحك عن قصد تحت مسمى المزاح لكي يخفى نواياه في مضايقتك… ولو اظهرت أنك تضايقت، سيستنكر ذلك ‏بشدة، بحجة أن كيف يضايقك المزاح من الأساس؟!! أي أنك ستدخل دائرة الخطأ في جميع الأحوال.

    ‏3 “حسنًا…سأقوم بإنهاء ذلك في وقتٍ لاحق” ، “تمام، هعملها بعدين، شوية كده”

    يلجأ لهذه الآلية الشخصيات السلبية العدوانية في حال رفض فعل معين…فيميلون إلى تأخير الفعل بدلًا من ‏رفضه مباشرةً. (غالبًا ما تكون أوضح في الأطفال إذا ما طلب منهم القيام بفعلٍ ما)

    ‏4 “لم أكن أعلم أنك أردتني أن أقوم بذلك الآن…” ، “مكنتش عارف إنك عاوزني أخلصه دلوقتي…”

    ذلك أيضًا أحد طرقهم في المماطلة بالقيام بعملٍ ما، بدلًا من رفضها سيماطل بأنه لم يكن يعلم الميعاد الذي ‏أردت منه أن ينهي فيه شيئًا بعينه.

    ‏5 “لا يوجد ما هو مثالي/كامل ” ، “مفيش حاجة كاملة”

    عندما يكون أحد هذه الشخصيات قام بتقصيرٍ في عمل ما وهو يعلم ذلك، فلا يعترف مطلقًا، وعوضًا عن ذلك يقوم ‏باتهام الفعل نفسه أنه لا يمكن أن يتم إنهاءه بشكلٍ أفضل من ذلك، أو يلوم شخصًا آخر بأنه السبب في عدم ‏إكمال شغله.

    ‏6 ” لقد ظننتك تعلم ذلك مسبقًا! ” ، ” يااه! ده انا كنت فاكرك تعرف!”

    تقال هذه الجملة في حال معرفة هذا الشخص بمعلومات كانت ستفيدك جدًا في حلِ أو منع مشكلة ما من ‏الحدوث لك، ولكنه عوضًا عن ذلك لن يخبرك وسيشاهدك مستمتعًا بعواقب منعه هذه المعلومة عنك نتيجة غضبه ‏منك بسبب موضوع قديم مثلًا، أو غيرته تجاه أمر معين. وإذا عرفت أنه كان يعلم ما يعلم سيتهرب من ذلك بجملة ‏‏”لقت ظننتك تعلم ذلك مسبقًا!”.

    ‏7 ” كويس شغلك بالنسبة لمستواك التعليمي/الثقافي”

    أو جملة “تمام، حلو الفستان ده بيليق على البنات المليانة”
    أو ” حلو اللبس ده بالنسبة لسنك أو تخنك ”
    قد تبدو الجمل في ظاهرها مجاملة، ولكن مضمونها به معنى يعلم قائلها أنها سوف تشعرك بالإهانة وعدم الراحة ‏تجاه نفسك فور سماعها، وغالبًا ما يكون هذا السلوك بسبب ضيق سابق منك، أو لكي يشعر أنه أفضل منك، ‏فيميل إلى تغليف انتقاده بذلك المدح، حتى لا يظهر شخصٌ سيء، أو أنه يبطن لك شيء ما غير محبب لك. ‏سوف يكون في غاية الاستمتاع أثناء وضعك في الحيرة التي يسببها مزيج إحساس الانتقاد المغلف بالمدح.

    8 “تمام…عادى يعنى” ، “حسنًا، أنا لست مستاءً.”

    يعتقد أيضًا أصحاب الشخصيات السلبية العدوانية أن التعبير عن الضيق بصورة مباشرة من الممكن أن يجعل الوضع ‏أسوأ، ويميلون للهروب من التعبير عن ضيقهم، وتنفيس غضبهم بجملٍ كتلك الموضحة بالأعلى، لا تجعل ذلك الرد ‏يسعدك لفترة طويلة، فرد الفعل سيمتد لفترات طويلة نظير ذلك.

    ‏9 “أيه ده انت اتضايقت ليه كده؟!” ، “لماذا قد تضايقك إلى هذا الحد؟!”

    بعد كل اساليبه الغير مباشرة في محاولة مضايقتك وجعلك تخرج على أعصابك، سيستخدم نبرة باردة هادئة ‏في استنكار عصبيتك أو ضيقك، ويتهمك يكونك تبالغ في ردة الفعل، وينصحك بالهدوء، وضرورة الحفاظ برباطة ‏جأشك، ومراعاة سلوكك أكثر من ذلك، سيكون في قمة سعادته وهو يشاهد مخططه لجعلك تفقد أعصابك قد ‏نجح، فلا تنوله تلك الجائزة.


    لماذا يميل بعض الأشخاص إلى استخدام العدوان السلبي؟

    ‏1-لأن الغضب كتعبير من الممكن أن يكون غير مقبول اجتماعيًا بالقدر الكافي في مواقف معينة.
    ‏2- دس السم في العسل في أغلب الأحيان يكون مقبولًا أكثر، ولا يعرضك لخطر اللوم.
    ‏3- العدوان السلبى أسهل كتير من العداء الإيجابي أو المباشر.
    ‏4- ايجاد تبريرات أسهل من مواجهة المشكلة نفسها.
    ‏5- الانتقام يعطي احساس بالعدل.
    ‏6- العدوان السلبى غالبًا ما يكون فعالًا وتأثيره ممتد.
    ‏7- صعب أن يتم الإيقاع بشخص يستخدم العدوان السلبي في دائرة اللوم أو المعاتبة; لأنه يكون غير مكشوف.


    كيف تتعامل مع الشخصيات السلبية العدوانية؟

    • حاول بقدر الإمكان أن تلتقط ما يريدون لا تتأثر بأسلوبهم، ولا تصل إلى ما يريدون.
    • لا تحاول تغيرهم إذا لم تكن تربطك بهم صلة قرابة خاصة، فقط لا تقوم بالتعديل على شخصياتهم.
    • حاول ألا تأخذ المواضيع على محمل شخصي، ودائمًا حاول إصلاح سوء التفاهم الذي حدث معهم –إن وُجِد-.
    • لا تبالغ أنت أيضًا ( بلاش أفورة ‏‎(:D‎‏
    • حاول أن تتجنب الدخول في جدان، لأنك ستجد نفسك تلجأ إلى نفس الأساليب السلبية العدوانية التي ‏يستخدمها الشخص الآخر. هذه من الآليات الدفاعية التي تظهر بكل آلي.
    • إذا وجد مكانًا لتحويل الموضوع إلى فكاهي، فلا تتردد في فعل ذلك.
    • إذا كان الموضوع مهم/كبير قم بإعطاء النقاش طابع رسمي، وارسم حدودًا للشخص الذي أمامك حتى لا ‏يتمادى في أسلوبه.

    ليس لديك القدرة على اختيار 100% من الأشخاص التي ستتعامل معها في حياتك، فبعضهم سيفرضهم عليك ‏عملك، أو دراستك، أو بحكم وجودك في مكان معين، فعلى الأقل يجب أن يكون لديك القدر الكافي من المعرفة ‏أنواع الشخصيات العامة، السيئ منها قبل الجيد، لكي تتفادى الوقوع في مشاكل أنت في غنى عنها، ولعل ‏قراءتك تكون سببًا في أن تتخلص من بعض طباعك السيئة أيضًا.